المعنی الحرفی

و بعد ما عرفت معنی الحروف ینبغی البحث عن نوع الوضع فی الحروف،و أنه هل الوضع و الموضوع له فیها عامان ام لا؟ اما علی ما ذهب الیه الإمام الخمینی و المحقق الاصفهانی«قدس سرهما»من أنها موضوعة للوجود الربطی،فینبغی ان یذهب الی عموم الموضوع له کالوضع بان یقال:إنها وضعت للوجود الرابطی الخاص مثل الإبتداء النسبی المتحقق بین الطرفین فی لفظة«من» و ذلک أنه من الواضح أنه لم یلحظ فی معناها خصوصیة الطرفین حتی یصیر الموضوع له خاصا،بل الموضوع له کالوضع عام،و أما بناء علی ما تقدم منا من کون معنی الحروف معنی انتزاعیا من الطرفین،فالظاهر أن الموضوع له کالوضع عام؛فإنا إذا قلنا فی مقام الإفادة«من»أو«از»بالفارسیة فله معنی یستفاد من اللفظ و هو الابتداء الحرفی،و لیس واقع الأمر أن لا یکون للفظ«من»مثلا معنی أصلا،فإذا قلنا«من المدرسة»،یفهم منه أن الأبتداء یکون من المدرسة،و اذا قلنا«سرت من المدرسة»فیفهم منه أن ابتداء السیر من المدرسة،و فی جمیع هذه الموارد یکون معنی لفظ«من»واحدا،و هو الأبتداء الحرفی، و لا یتغیر معناه،بل یقید معناه بلا تغییر فی أصل معنی لفظ«من»و ذلک مثل أسماء الاجناس بلا فرق أصلا،فانه إذ قلنا«العالم»و«العالم العادل»فإن العالم یفید فی الموضعین معنی واحدا،و یستفاد التضییق من لفظ«العادل»،و ما نحن فیه أیضا کذلک فالمرتکز الذهنی أن الحروف معانیها معان مشترک معنوی،فی کل مصداق یکون هذا المعنی المشترک و المصداق حاکیا عن الارتباط الکلی الحقیقی الواقعی،و الخصوصیات مستفادة من القبود التی تستفاد من الطرفین،فلا یکون الموضوع له خاصا،فیکون {P(1)-دروس فی علم الاصول،ح 3،ج 2،ص 67."